أمراء آل سعود وحلفهم مع دعاة الحركة الوهابية:
في ظل هذه الأوضاع عاش مقرن بن مرضان أحد أجداد الأسرة السعودية وأمر الدرعية التي كان قد أسسها جدهم الأكبر مانع من ربيعة المريدي الذي بسط سيادته على الإحساء وقطر والقطيف ولكن ملكه لم يدم طويلاً وكذلك ملك ابنائه الذي لم يكن يختلف عن سواهم من أمراء ذلك الزمان فهو يشتمل على بلد أو بلدين فقط. وهذا ما كانت عليه الدرعية التي كان أميرها محمد بن سعود بن محمد بن مقرن عندما ظهر محمد بن عبد الوهاب محيي السنة وصاحب الدعوة الوهابية التوحيدية والتي تقوم أساساً على ضرورة العودة إلى ينابيع الإسلام الحقيقية وتخليصه من من الشوائب والبدع التي ألحقتها بعض الممارسات وقد لاقت هذه الدعوة معارضة صارمة في حريملة حيث كان يسكن محمد بن عبد الوهاب فاضطر إلى اللجوء إلى الدرعية حيث كانت تقوم إمارة آل سعود التي بادرت إلى تبني دعوته. وهكذا عقد العهد بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب رجل الدين وبين الأمير محمد بن سعود رجل السياسة. فتعهد الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية بنشر دين التوحيد في البلاد العربية وتعهد ابن عبد الوهاب بأن يقيم في الدرعية مصلحاً وأن لا يحالف أميراً آخر من أمراء العرب.وهذا هو الأساس الديني والسياسي للإمارة السعودية الأولى والتي بدأت تتوسع وتنتشر وتوارثت من أمير إلى أمير، فتمت السيطرة على سائر نجد والخرج والقصيم وسوبر وشمر والإحساء وساحل عمان وقطر والبحرين والحجاز وذلك على عهد عبد العزيز بن محمد الذي تسلم الإمارة بعد بعد وفاة والده.
أما في عهد سعود بن عبد العزيز، فقد امتدت دولة آل سعود إلى قلب اليمن ومشارف العراق وسوريا مهددة السلطنة العثمانية في أهم ولاياتها.
الصراع على شبه الجزيرة بين الشريفيين وبين آل سعود:
لما حلَّ الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الدرعية وآمن بدعوته الأمير محمد بن سعود وأعلن نصرته، ارتفعت رايات الجهاد لنشر الدعوة الإسلامية داخل نجد وخارجها. وطهرت نجد من البدع والخرافات، وهدمت القباب المقامة على القبور التي افتتن الناس بها وقدسوها وتضرعوا بها دون الله، عند ذلك اختلف الموقف عند اشراف مكة نحو هذه الدعوة الجديدة التي رفضت كل ما هو موجود في بلاد الحجاز وحاولت منع هذه الأمور التي كانت تدر عليهم أموال كثيرة من حجاج المسلمين الزائرين فأعلنوا حربهم ضد هذه الدعوة، وساعدتهم في ذلك الدولة العثمانية التي خافت على نفسها من مطالبة المسلمين العرب بإعادة الخلافة إليهم. وكان الشريف مسعود بن سعيد أول من تصدى بالعداء الواضح لمحاربة الدعوة فمنع أهالي نجد من الدخول إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج. وحاول قادة الدرعية التعامل مع الموضوع بليونة فأرسلوا وفداً علمائياً لمناظرة علماء مكة حول مبادىء الدعوة، إلا أن علماء مكة أصدروا فتوى بعد مناظرات مع وفد الدرعية كفروا بها صاحب الدعوة وصادق عليها قاضي مكة وصدرت أوامر الشريف بسجن هؤلاء العلماء حتى مات أكثرهم.
آل سعود والسلطنة العثمانية:
عجزت الدولة العثمانية بواسطة حلفاءها عن القضاء على الوهابيين الذين شكلوا خطراً كبيراً على الدولة العثمانية وخاصة أنهم يسيطرون على مقدسات المسلمين والأخطر من كل هذا أن هذه الدعوة السنية لا تعترف بخلافة السلطان العثماني، وهي أول حادثة من نوعها في تاريخ تاريخ الدولة العثمانية. إزاء هذا الواقع استنجد السلطان العثماني بواليه على مصر محمد علي لإيقاف زحف الوهابيين.
فأرسل هذا الأخير حملة عسكرية بقيادة إبنه طوسون في عام 1811م، ثم أرسل حملة أكبر بقيادة ابنه الثاني إبراهيم باشا وقد تمكنت هذه الحملة بعد سنة من من القضاء على الدولة السعودية الأولى ودمرت عاصمتها «الدرعية» وأسرت أمير هذه الدولة عبد الله بن سعود وأرسلته إلى الاستانة حيث قتل، كما نقل إلى مصر أكثر أفراد آل سعود وآل الشيخ ورجع إبراهيم باشا إلى مصر واستطاع الأمير مشاري بن سعود الإفلات من الأسر، ثم لحقه أيضاً الأمير تركي بن عبد الله الذي نجح في الهرب من الجيش المصري، إلا أن الأتراك استطاعوا قتل الأمير مشاري بالتواطؤ مع أمير محلي، إلا أن الأمير تركي عاد فقتله إنتقاماً لمشاري وبذلك أنتقلت الإمارة من بيت عبد العزيز إلى بيت عبد الله أخوه، ثم انتقلت الإمارة إلى فيصل بن تركي بعد مقتل أبيه، وقد تميز عهد فيصل في بدايته بعدم الاستقرار وانتشار الفتن والمشاكل وانتهى بتدخل القائد العثماني خورشيد باشا الذي قبض على الأمير فيصل وعين مكانه الأمير خالد بن سعود وهو من الأمراء المنفيين في مصر، إلا إن خالداً لم يستمر مطولاً فأستلم مكانه الأمير عبد الله بن ثنيان بن إبراهيم بن سعود الذي أيضاً لم يستمر طويلاً إذ عاد الأمير فيصل بن تركي مجدداً بعد إخلاء سبيله فاستلم الحكم واستمر فيه 24 سنة تميزت بالهدوء والاستقرار والازدهار ودان له القسم الأكبر من شبه الجزيرة العرببة وبوفاة الأمير فيصل عام 1865 م انتهى العصر الذهبي في الدولة السعودية الثانية وبدأ من بعده عهد الفتن والمشاكل والحروب الأهلية واستمر حتى عام 1890 عندما انتصر ابن الرشيد أمير حائل، ولجأ آخر أمراء الدولة السعودية الثانية الإمام عبد الرحمن بن فيصل ومعه ابنه عبد العزيز إلى الكويت.
عبد العزيز وتوحيد المملكة السعودية:
حاول العثمانيون مناوشة البريطانيين الذين تمركزوا في الكويت وعقدوا معها معاهدة عام 1899 تجعل من بريطانيا الدولة الوحيدة التي تتمتع بامتيازات بالكويت، وهذه المعاهدة شبيهة بمعاهدة بريطانية مع الإمارات السبعة وكذلك مع مسقط.فاستنفر العثمانيون قبائل الشُمَّر (آل الرشيد) الذين كانوا يسيطرون على كامل شبه الجزيرة العربية ضد آل الصباح في الكويت وساندهم تحالف من البدو ضم قبائل مطير وبني مرة الوهابية وقبيلة المنتفق إلى جانب الإمام عبد الرحمن وابنه الأمير عبد العزيز آل سعود اللذان اغتنما هذه الفرصة ليردا الجميل لأمير الكويت وليحاولا استعادة مدينة الرياض من يدا بن الرشيد. إلا أن الشمريين هزموا تلك القوات بعد استدراجها إلى منطقة الظريف، ولم ينج الأمير مبارك الصباح إلا بعد تدخل السفن الحربية البريطانية.
إلا أن الأمير عبد العزيز لم يستسلم بعد تلك الهزيمة فتمكن عام 1902 وهو على رأس مجموعة صغيرة من الخيالة من استعادة مدينة الرياض، التي ساعده أهلها للتخلص من نظام ابن الرشيد. وفي مطلع عام 1904 كان عبد العزيز بن سعود قد استعاد معظم أراضي دولة أجداده. واستطاع تقويض سلطته بعد إخضاع ابن ابن الرشيد عام 1921.
وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914 م 1335 هـ أعلن الشريف حسين في مكة وقوفه إلى جانب الحلفاء وذلك بدءاً من عام 1916 حيث قامت الثورة العربية الكبرى وتقدم ابنه على رأس الجيش باتجاه بلاد الشام. وخرج العثمانيون من أرض الحجاز وانسحبت الحامية التي كانت محاصرة في المدينة.
وانتهت الحرب العالمية الأولى، وراح الشريف حسين يركز أوضاعه في الجزيرة. (وكان عبد العزيز قد شكل قوات مسلحة شديدة المراس أطلق عليها اسم «الإخوان» كانت تقيم في مستوطنات وتشكل القوة الضاربة الطليعية في غزوات الملك عبد العزيز وحروبه، بالإضافة إلى أنها كانت تلعب دوراً كبيراً في نشر الأفكار الدينية التي دعا إليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب وفي فرض العدالة الإسلامية وتطبيقها.وكان الشريف حسين قد أعلن نفسه خليفة على المسلمين، عندما أعلن كمال أتاتورك عن إلغاء منصب الخلافة وذلك في 3 أذار 1924 م وقد زاد هذا الإعلان من حدة الخلافات بين السعوديين والهاشميين.بعد هذا الإعلان بيوم عُقد في الرياض مؤتمر عام برئاسة الإمام عبد الرحمن آل سعود والد السلطان عبد العزيز حضره العلماء ورؤساء القبائل وطرحت فيه مسألة الحج وعدم تمكن أهل نجد من تأدية الفريضة. وخرج المؤتمرون بضرورة غزو الحجاز وتحرير الأماكن المقدسة بالقوة بعد استنفاذ جميع الحلول. وهكذا بدأ زحف الإخوان على مدن الحجاز التي أخذت تتساقط الواحدة بعد الأخرى وفي 3 تشرين الأول اجتمع أعيان مكة وجدة وطالبوا الشريف حسين بن علي بالتنازل وتنصيب ولده الأمير علي ملكاً، فرضخ الشريف حسين وانتقل بحراً إلى العقبة، ولكن الإنكليز انذروه بضرورة الرحيل فغادر مكرهاً إلى قبرص فأقام فيها ست سنوات حيث سمح له الإنكليز بالعودة إلى ابنه في عمان حيث وافته المنية هناك ودفن في المسجد الأقصى عام 1931م.
في مكة وجد الأمير علي بن الحسين أن الوضع العسكري محسوم لصالح آل سعود فتراجع إلى جدة لتنظيم صفوفه، فدخل الإخوان مكة في 16 تشرين الأول 1924، ثم جرت عدة مفاوضات بين الطرفين لحقن الدماء إلا أنها باءت جميعها بالفشل فخاضت قوات آل سعود معركتها الحاسمة مع الجيش الهاشمي فسقطت المدينة أواخر عام 1925 وتنازل الأمير علي عن ملك الحجاز، وهكذا تم توحيد نجد و والحجاز تحت سلطة آل سعود وصار السلطان عبد العزيز يلقب «بالملك عبد العزيز».
عهد عبد العزيز آل سعود:
تقويض الوضع الداخلي:
عمل الملك عبد العزيز على إعادة الأمان والطمأنينة إلى بلاده بعدما انتهى عهد الدويلات والإمارات المختلفة، فدعا المسلمين في العالم إلى الحج بأعداد وفيرة. إلا أن بعض الخلافات مع بعض «الإخوان» قد بدأت تظهر، فقد أخذوا على الملك تساهله مع الأجانب وإدخال بعض الحياة العصرية إلى المملكة كالهاتف والسيارة. إضافة إلى أنهم كانوا يستاءون كثيراً من البعثات القادمة إلى الحج وسط الأهازيج والأناشيد فكانوا يتعرضون لها. وقد وقعت صدامات مع البعثة المصرية أدت إلى سقوط عدد من القتلى في صفوف المصريين. ولم يكتفِ الإخوان بهذا، بهذا، بل أخذوا يحتجون على سياسة الملك عبد العزيز علانية، وازداد الأمر حدة عندما تم توقيع اتفاقية رسم الحدود بين المملكة وكل من العراق والأردن اللتين كانتا تحت الانتداب الإنكليزي (27 ـ أيار ـ 1927) لأنهم حرموا بذلك من حق التنقل بحرية والغزو، مع أن الملك قد منعهم عن ذلك وعوضهم بذلك مداخيل شهرية فأعلنت بعض العشائر المنضوية تحت «الإخوان» بزعامة سلطان بن بجاد التمرد على السلطة واستمرت مناوشاتهم مدة عام ونصف، إلى أن جهز الملك عبد العزيز حملة قوية قضت عليهم نهائياً، وفرضت سلطتها على كامل أرجاء المملكة.
إعلان دولة المملكة العربية السعودية وسياسة الملك عبد العزيز:
في 23 أيلول 1932 توج الملك عبد العزيز إنجازاته بإعلانه توحيد البلاد تحت اسم «المملكة العربية السعودية» وأصدر أمراً ملكياً قضى بتوحيد مناطق البلاد تحت هذا الإسم. ثم جاءت أحداث اليمن التي تحولت إلى حرب مفتوحة مع السعوديين في أذار 1934. إلا أن الملك عبد العزيز استطاع إجبار اليمن على طلب وقف النار بعدما قاد ولداه فيصل وسعود حملتين على اليمن. فوافق الإمام يحيى الدخول في مفاوضات سلمية مع الملك عبد العزيز الذي أظهر مرونة وتساهلاً فقبل بالانسحاب إلى المواقع التي كان يسيطر عليها قبل اندلاع المعارك (ويعني ذلك عملياً اعتراف اليمن بضم عسير إلى المملكة العربية السعودية ووقعت معاهدة سلام في الطائف بتاريخ 22 ـ أيار ـ 1934.
بعد ذلك سعى الملك عبد العزيز إلى القيام بكل الإجراءات المناسبة لسياسة الإصلاح والتطوير وتنويع موارد المملكة وزيادة انتاجيتها، وحتى ذلك الوقت كان معظم الدخل يأتي من تربية الحيوان وبعض الزراعات الخفيفة، ومن إيرادات الحج القليلة. وفي ذلك الوقت كانت فرنسا وبريطانيا تحدان من كل رغبة عربية في الاستقلال. وفي المقابل كانت الولايات المتحدة تعلن دائماً عن مساندتها للتحرير وحق الشعوب في تقرير مصيرها. وهذا ما دعا الملك عبد العزيز إلى إقامة علاقات قوية مع الولايات المتحدة، محتفظاً بنفس الوقت مع علاقة حسنة مع بريطانيا القوة الأعظم في ذلك الوقت.
اكتشاف الثروة النفطية:
الحاجة الماسة للموارد المالية حدت بالملك عبد العزيز. إلى منح حقوق التنقيب عن البترول إلى شركات أجنبية. وكانت البداية مع الشركات البريطانية 1923 «شركة ايسون أند جنرال سنديكت» إلا أن هذه الشركة لم تستخدم حقها بالتنقيب. ولم يجر تجديد العقد حتى انتهى مفعوله عام 1933. وكان الأمريكيون الذين سبق لهم زيارة شبه الجزيرة العربية في العشرينات وتركوا انطباعا ايجابيا في نفس الملك مما دعاه لاحقا لاختيار شركة أمريكية للتنقيب عن البترول واستغلاله. وبالفعل، ففي 1933 منحت امتيازات التنقيب الى شركة« ستاندرد أويل أوف أوف كاليفورنيا». وفي تموز وقع الملك المرسوم رقم 135 مانحا الامتياز الى الشركة، في أوائل صيف 1934 اتخذ قرار باختبار قمة الدمام بالحفر واستمر الحفر حتى عام 1937. حيث بلغ عمق البئر رقم7 حوالي 1440 مترا عندها تدفعت منها كميات ضخمة من النفط وكان ذلك فاتحة عهد جديد في تاريخ المملكة العربية السعودية والعالم وقد تم انجاز هذا البئر في آذار 1938.
وهكذا بعد خمس سنوات من العمل الشاق في التنقيب تم اكتشاف البترول بكميات كبيرة وتأسست شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) عام 1938 والمعروفة اليوم بشركة أرامكو السعودية. وقد رافقت عملية منح الامتيازات النفطية بعض المظاهر السياسية التي يمكن تلخيصها بثلاث نقاط هي:
1ـ فضل الملك عبد العزيز أن يمنح حقوق التنقيب للأمريكيين وليس للبريطانيين معبرا بذلك عن حرصه على استقلاله ازاء القوة الإستعمارية الأولى أنذاك
2ـ إن التردد الطويل (بين 1923ـ1933) بسبب انه لم يرضخ لبيع الإمتياز الا في حالة حاجة القصوى مرتبط بفكره السيادة الوطنية التي طالما كان يشدد عليها.
3ـ اصراره على انتزاع مكاسب مالية مباشرة كان بأمس الحاجة اليها.
الملك عبد العزيز والسياسة الخارجية
التزم الملك عبد العزيز سياسة الحذر والحياد بين فريقي الحرب العالمية الثانية(دول الحلفاء ودول المحور) وفي أول من آذار 1945 انضمت السعودية الى الحلفاء شكليا بدون أن تعلن الحرب على ألمانيا محافظة بذلك على حيادها. وقد مكنها هذا الموقف من المشاركة في ميثاق في ميثاق الأمم المتحدة. وقد تمثلت المملكة بالإبن فيصل بن عبد العزيز (الملك فيما بعد) الذي حضر حفل توقيع ميثاق سان فرنسيسكو 6 حزيران 1945 وكان الملك بن عبد العزيز آنذاك من أشد العاملين في سبيل تأسيس جامعة الدول العربية في 22 آذار 1945 أذار.أما العلاقات السعودية الأمريكية فقد بدأت تتطور وتزداد رسوخا ابتداء من سنة 1940 حيث انشئت بعثة دوبلوماسية في المملكة. وفي سنة 1943 منح الملك الأمريكيين حق بناء قاعدة جوية كبيرة في الظهران واستعمالها لمدة ثلاث سنوات تعود بعد ذلك ملكيتها للمملكة وفي الوقت نفسه بدأت بعثة عسكرية أمريكية بتدريب الجيش السعودي وتزويده بالأسلحة.
وفي 15 شباط 1945 تم عقد لقاء بين الرئيس الأمريكي روزفلت والملك عبد العزيز لبحث التطورات في المنطقة وكانت القضية الفلسطينية من أهم النقاط التي تم التوقف عندها، وقد كان للراحل موقف صلب حيال الهجرة والاستيطان اليهودي في فلسطين تحت انظار الأمريكيين وحلفائهم البريطانيين كما أفاض الملك عبد العزيز في بيان ما تعانيه سوريا ولبنان وفلسطين في تلك الحقبة.
وأثناء حرب 48 شاركت المملكة مع بقية الدول العربية في الدفاع عن فلسطين وقد بلغ عدد القوات السعودية المشاركة فعلياً في الحرب حوالي 3 آلاف مقاتل موزعة على كتيبتين.
وفي يوم الإثنين الثاني من ربيع الأول عام 1373 هـ الموافق 9 تشرين الثاني 1953 توفي الملك عبد العزيز عن عمر يناهز 72 عاماً، بعدما أرسى دعائم المملكة ورسم الخطوط العريضة لسياستها الداخلية والخارجية. وقد حكم طوال هذه الفترة (51 عاماً) حكماً مطلقاً لم يكن يجد من صلاحياته سوى التزامه بالشريعة الإسلامية، واحترامه للأعراف والتحالقات العشائرية. فعلى عهده لم يكن قد بدأ التمييز فعلياً بين أموال الملك وأموال الدولة ولم يتغير ذلك جزئياً إلا أواخر حياته حيث أصدر في عام 1951 م 1368 هـ أول ميزانية عامة في تاريخ المملكة وتبع ذلك إنشاء أول مصرف وفي تشرين الأول 1953 م 1373 هـ أمر الملك عبد العزيز بإنشاء مجلس للوزراء. وإضافة إلى كل ذلك فقد عمد الملك عبد العزيز إلى إدخال تحديثات مهمة على أساليب الحياة البدوية رغم المعارضة الشديدة التي كان يلقاها أحياناً من بعض غلاة رجال الدين.
عهد الملك سعود بن عبد العزيز (1953 ـ 1964 م) ـ (1373 ـ 1384 هـ):
تميزت سنوات حكمه الأولى بالتحالف مع مصر ضد الأردن والعراق الهاشميين. وعندما وقع العدوان الثلاثي على مصر، قطعت السعودية العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا وبريطانيا. وعندما أعلنت الوحدة المصرية السورية انقلبت العلاقة مع مصر إلى عداوة بلغت ذروتها باتهام السعوديةمن قبل مصر بتمويل محاولة اغتيال عبد الناصر. ثم ازدادت هذه العلاقة تدهورا عقب التدخل المصري في اليمن.وقد كان الملك سعود كلما وجد نفسه أمام صعوبات داخلية كبيرة (الاصطدام بمصر الناصرية، تدهور الأوضاع الداخلية، فقدان الريال لقيمته...) يستدعي أخاه وولي عهده الأمير فيصل ليتولى مواجهة الأزمة. وقد ازدادت سلطة فيصل رسوخاً في عام 1958 عندما منح كامل الصلاحيات لإصلاح الأوضاع المالية والادارية في المملكة.
وقد شارك الملك سعود في أول لقاء قمة عربي في مصر عام 1964. وكان هذا المؤتمر آخر نشاط يشارك فيه، إذ ما إن عاد إلى الرياض حتى أعلن تنازله عن العرش في الأول من تشرين الثاني 1964 بطلب من العائلة المالكة ورجال الدين الدين لصالح أخيه الأمير فيصل، وانتقل إلى القاهرة ومنها إلى اليونان حيث توفي عام 1969م.